أثار مقال لباتريك وينتور تساؤلات حول الدور الذي تستعد مصر لتوليه في غزة في وقت تعاني فيه من أزمات داخلية متفاقمة منذ انقلاب عام 2013، حين تراجع الاقتصاد وتقلصت الحريات العامة. ورغم تلك الأوضاع، من المتوقع أن تقود القاهرة القوة الدولية المزمع تشكيلها بإشراف مجلس الأمن لتثبيت الاستقرار في غزة، وفق ما نقل دبلوماسيون للصحيفة.
وقالت الجارديان، إن مشروع القرار الأوروبي والأمريكي يسعى لمنح القوة صلاحيات واسعة للسيطرة على الأمن داخل القطاع، على أن تعمل بتفويض من الأمم المتحدة دون أن تكون قوة حفظ سلام تقليدية. الفكرة تقوم على نموذج القوة الدولية في هايتي التي واجهت العصابات المسلحة، مع توقع مساهمة كل من تركيا وإندونيسيا وأذربيجان إلى جانب مصر في إرسال القوات.
تضغط الولايات المتحدة لمنح القاهرة قيادة العمليات الميدانية، بينما تُبحث الصيغة النهائية لتحديد ما إذا كانت القوة ستدار بالكامل تحت راية الأمم المتحدة أم بتفويض جزئي منها. في المقابل، استبعدت مصادر مشاركة أي قوات أوروبية أو بريطانية، رغم أن لندن أرسلت مستشارين إلى خلية أمريكية صغيرة داخل إسرائيل تعمل على تنفيذ المرحلة الثانية من "خطة النقاط العشرين" التي صاغها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
تشدد بريطانيا على أن الهدف النهائي يبقى إقامة دولة فلسطينية موحدة تضم الضفة الغربية والقدس الشرقية، مشيرة إلى أن القوة الدولية ستتحمل المسؤولية الرئيسية عن الأمن في غزة، بينما تواصل إسرائيل انسحابها التدريجي إذا أثبتت القوة فاعليتها. غير أن إسرائيل تصر على الاحتفاظ بمنطقة عازلة واسعة لحماية حدودها من هجمات محتملة لحركة حماس.
وتبدو بريطانيا متحمسة لعودة رئيس وزرائها الأسبق توني بلير إلى الواجهة من خلال مجلس يُعرف بـ"مجلس السلام" ضمن خطة ترامب، يضم خمسة عشر خبيرًا فلسطينيًا ويُفترض أن يترأسه ترامب نفسه. رغم أن بلير وُجّهت إليه اتهامات بالتسبب في زعزعة استقرار الشرق الأوسط بدعمه غزو العراق عام 2003، فقد حصل مؤخرًا على دعم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي وصفه بـ"صديق العراق" وأكد أنه يزور بغداد باستمرار.
يتوقع أن يُحسم موقع بلير رسميًا بحلول الأسبوع الثاني من نوفمبر، تزامنًا مع مؤتمر دولي لإعمار غزة تستضيفه القاهرة بمشاركة مانحين عرب وخليجيين ومستثمرين من القطاع الخاص، وسط تقديرات بأن تتجاوز تكاليف الإعمار 67 مليار دولار، ما يستدعي تمويلًا مختلطًا من حكومات وشركات.
لكن المفارقة البارزة في المشهد، كما يلاحظ المقال، تكمن في أن الدولة المرشحة لقيادة استقرار غزة تواجه في داخلها هشاشة اقتصادية غير مسبوقة. فمصر التي عانت من ارتفاع الديون وتراجع العملة وتضييق المجال العام منذ 2013، تُقدَّم اليوم كركيزة لاستقرار إقليمي واسع. التساؤل الذي يطرحه المراقبون هو: كيف يمكن لدولة تعاني تضخمًا متسارعًا وتراجعًا في مستويات المعيشة أن تقود مشروعًا دوليًا بهذا الحجم؟
وفي سياق آخر، أشار المقال إلى أن محكمة العدل الدولية ستصدر حكمًا ضد إسرائيل الأسبوع المقبل على خلفية إنهائها التعاون مع وكالات الأمم المتحدة، خاصة وكالة "الأونروا". القرار الذي بادرت إليه النرويج وحظي بدعم من مجلس الأمن سيمنح المحكمة فرصة لتأكيد أن إسرائيل، بوصفها قوة احتلال، تتحمل التزامًا قانونيًا بتقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة، وهو التزام أخفقت في الوفاء به.
كما تناولت وزيرة الخارجية الفلسطينية، فارسين أجابكيان، في مؤتمر عُقد في نابولي الجهود الجارية لإصلاح مؤسسات السلطة، مؤكدة أن الإصلاحات التربوية وحدها لا تصنع السلام إذا استمر الاحتلال. قالت: "حين يعيش الأطفال تحت القهر اليومي، عند الحواجز وتحت خطر القتل وقطع الأشجار وحرق المزارع، لا يمكن أن يتكوّن لديهم وعي حقيقي بالسلام".
تبدو هذه المفارقة – أن تُعهد مهمة الاستقرار في غزة إلى دولة تبحث عن استقرارها الداخلي – عنوانًا دالًا على توازنات الشرق الأوسط الجديدة: معارك على الورق، وواقع يزداد اضطرابًا كل يوم.
https://www.theguardian.com/world/2025/oct/18/egypt-expected-to-lead-global-stabilisation-force-in-gaza-say-diplomats